أرجو أيها الإخوة الكرام أن نتنبه وأن نحذر من أمر مهم جداً، وألا تغيب عنا هذه الحقائق القرآنية الإيمانية، فنصدِّق ما يزعمون أو ما يدعون.
إن الحرب هي قبل كل شيء حرب إرادات، وحرب تحدٍ نفسي، وحرب كفر على إيمان، أو مقاومة إيمان لكفر، فإذا هُزمنا داخلياً ونفسياً فلا فائدة فينا بعد ذلك، ولا أهلية فينا لأن نقاوم العدو، فعلينا أن نحذر من أساليبهم ومكرهم وكيدهم وخبثهم، فإنه كما صاح الشيطان وأعوانه وقالوا: إن محمداً قد قتل، ليرجفوا في قلوب المؤمنين، كذلك هم الآن يدعي بعض دعاتهم بأن الإسلام قد قضي عليه، وانتهى.
الحقيقة أن الإسلام لم يدخل هذه المعارك بصفته الإسلام الذي أنزله الله تبارك وتعالى، فالذي هُزم في حرب حزيران في الأيام الستة هي الفكرة
الناصرية العلمانية، و
القومية العربية التي نادى بها
جمال عبد الناصر ومن معه، والذي هُزم في هذه المرحلة الأخيرة هي الفكرة
القومية البعثية الاشتراكية.
هناك الأتباع لهم حكم آخر، والأتباع رجعوا إلى الله تبارك وتعالى نوعاً من الرجوع، فالله تبارك وتعالى يبعث كلاً على نيته ويجازي كلاً بما عمل.
المقصود أن الإسلام لم يدخل المعركة بصفته الإسلام، الدين الذي أنزله الله تبارك وتعالى ليحارب في المقابل الكفر، وإنما كانت هناك أخلاط، ومن جملة من قاوم بعض أهل الإيمان والإسلام، وأبشركم أن هؤلاء سوف ترون منهم ما يرضيكم عما قريب بحول الله تبارك وتعالى.
إن من العبر التي ظهرت في هذه الأحداث: أن الله تبارك وتعالى يذهب ويزيل الراية العمياء والراية الجاهلية فتصبح المعركة بين الإيمان وبين الكفر، لو بقيت الراية الجاهلية راية البعث لكانت المعركة بين المشروع أو العدوان الصليبي الصهيوني، وبين المشروع البعثي القومي، الآن ذهب ذلك فأصبحت المعركة بين أهل الإيمان وبين أهل الكفر، وهكذا ينبغي أن تكون ويجب أن نعلمها ونعلمها أبناءنا أنها كذلك بإذن الله تبارك وتعالى.
فعندما تكون الراية واضحة فهذه أول خطوة من الخطوات التي تقودنا في طريق النصر، أن تكون الراية جلية واضحة، فيقوم جهاد إسلامي يحارب هؤلاء الكفار، وأبشركم أيضاً أن الأمة وعت ذلك، فعندما ضاقت بها السبل وكان النهب والسلب واشتدت الفتنة والأزمة وذهب ذلك النظام أووا إلى المسجد، وكانت الاجتماعات في المسجد، وكانت تنظيمات الأمن تنطلق من المسجد، ورد الحاجات وإغاثة الملهوفين من المسجد، وهذه بداية مباركة طيبة، وهي تبشر بالخير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما فعل عندما دخل
المدينة بنى المسجد، ومن المسجد انطلق الخير في الدنيا كلها بإذن الله تبارك وتعالى.
الأمر الآخر: لعلي أكون ناقلاً فقط عمن كتب هذا في اليومين الماضيين من كبار المحللين الأمريكيين، فقد قالوا: إن
أمريكا ارتكبت خطأً فادحاً بما فعلت في
العراق، لأنها قضت على النظام البعثي الدكتاتوري والآن الفرصة مهيأة ليقوم في
العراق جمهورية إسلامية، فلا يمكن أن تكون الحكومة التي تقوم إلا جمهورية إسلامية، لأن ما نزل بالشعب من الضيق والكرب والحسرة سيجعلهم يرجعون إلى الدين.
فنحن نقول هذا على سبيل التفاؤل والتبشير والبشرى؛ لأن العودة لابد أن تكون إلى الله وإلى الدين، فسقوط كل الأقنعة وكل الأنظمة وكل المذاهب الوضعية تبقي راية الإسلام ولله الحمد هي الأمل، وحولها يجتمعون بإذن الله تبارك وتعالى.
كذلك هناك من المبشرات -وهذه ربما تكون مفاجأة لكثير من الناس اكتشفها الأعداء قبل أن يكتشفها المسلمون- أن الشعوب لها إرادة قوية، ولذلك المقاتلون الذين صمدوا في بعض المدن بأسلحة خفيفة، وهم الآن صامدون في
بغداد وفي مناطق كثيرة منها، هؤلاء فعلوا ما لم تفعله الجيوش التي تبنى في ثلاثين سنة ويُستورد لها أغلى أنواع العتاد، هؤلاء يقاومون ويصمدون ويحققون ما لم تحققه تلك الجيوش.